٤،٩،٦٢ - دروس من السنة الصحيحة
الدرس الأول: أصحاب الغار.
قال النبي : انطلق ثلاثة رهط ممن كان قبلكم، حتى أووا المبيت إلى غار، فدخلوه. فانحدرت صخرة من الجبل، فسدت عليهم الغار، فقالوا إنه لا ينجيكم من هذه الصخرة، إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم. فقال رجل منهم : اللهم كان لي أبوان شيحان كبيران، وكنت لا أغبق قبلهما أهلا ولا مالا ، فنأى بي في طلب شيء يوما فلم أرح عليهما حتى ناما، فخلبت لهما غبوقهما فوجدتهما نائمين وكرهت أن أغبق قبلهما أهلا أو مالا فلبثت والقدح على يدي أنتظر استيقاظهما حتى برق الفجر فاستيقظا فشربا غبوقهما . اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك. ففرج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة. فانفرجت شيئا لا يستطيعون الخروج منها .
قال النبي ﷺ وقال الآخر اللهم كانت لي بنت عم كانت أحب الناس إلي فأردتها عن نفسها فامتنعت مني حتى اللت بها سنة من السنين فجاءتني فأعطيتها عشرين ومئة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت حتى إذا قدرت عليها قالت لا يحل لك أن تقض الخاتم إلا بحقه فتحرجت من الوقوع عليها . فانصرفت عنها وهي أحب الناس إلي وتركت الذهب الذي أعطيتها . اللهم إن كنت فعلت هذا ابتغاء وجهك، فاخرج عنا ما نحن فيه. فانفرجت الصخرة غير أنهم لا يستطيعون الخروج منها .
قال النبي : وقال الثالث اللهم إني استأجرت أجراء فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب. فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال فجاءني بعد حين فقال: يا عبد الله أذ إلي أجري فقلت له: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق. فقال: يا عبد الله لا تستهزئ بي. فقلت: إني لا أستهزئ بك. فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا : اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما نحن فيه. فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون .. متفق عليه
الدرس الثاني: الابتلاء بالدنيا، وكيف يعمل فيها .
وقال : إن ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى، فأراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال لون حسن وجلد حسن ويذهب عني الذي قد قذرني الناس . قال فمسحه فذهب عنه قذره، وأعطي لونا حسنا، وجلدا حسنا. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الإبل قال: فأعطي ناقة عشراء فقال بارك الله لك فيها . قال: فأتى الأقرع فقال أي شيء أحب إليك؟ قال: شعر حسن، ويذهب عني هذا الذي قد قذرني الناس. قال: فمسحه فذهب عنه، وأعطي شعرا حسنا. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر. فأعطي بقرة حاملا . فقال : بارك الله لك فيها . قال: فأتى الأعمى فقال أي شيء أحب إليك؟ قال: أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس . قال: فمسحه فرد الله إليه بصره. قال: فأي المال أحب إليك؟ قال: الغنم. فأعطي شاة والدا فأنتج هذان وولد هذا . قال: فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم. قال: ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته، فقال: رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك. أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال بعيرا أتبلغ عليه في سفري فقال: الحقوق كثيرة. فقال له كأني أعرفك. ألم تكن أبرص يقذرك الناس ؟ فقيرا فأعطاك الله؟ فقال: إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر. فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت. قال: وأتى الأقرع في صورته، فقال له مثل ما قال لهذا ورد عليه مثل ما رد على هذا . فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت. قال: وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلع بها في سفري فقال: قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت فوالله لا أجهدك اليوم شيئا أخذته لله. فقال أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك .. رواه مسلم
الدرس الثالث أصحاب الأخدود
وقال النبي : كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر قال للملك إني قد كبرت فابعث إلي غلاما أعلمه السحر . فبعث إليه غلاما يعلمه، فكان في طريقه إذا سلك راهب فقعد إليه وسمع كلامه . فأعجبه : فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه، فإذا أتى الساحر ضربه. فشكا ذلك إلى الراهب فقال: إذا خشيت الساحر، فقل حبسني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر. فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة قد حبست الناس، فقال اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل . فأخذ حجرا فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك من أمر الساحر: فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس فرماها فقتلها ومضى الناس، فأتى الراهب فأخبره فقال له الراهب: أي بني أنت اليوم أفضل مني، قد بلغ من أمرك ما أرى، وإنك ستبتلى: فإن ابتليت فلا تدل علي. وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص ويداوي الناس من سائر الأدواء. فسمع جليس للملك كان قد عمي، فأتاه بهدايا كثيرة فقال ما هاهنا لك أجمع إن أنت شفيتني فقال إني لا أشفي أحدا، إنما يشفي الله فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك. فآمن بالله فشفاه الله . فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس فقال له الملك من رد عليك بصرك؟ قال ربي قال ولك رب غيري؟ قال: ربي وربك الله . فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام. فجيء بالغلام فقال له الملك : أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل. فقال إني لا أشفي أحدا إنما يشفي الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دل على الراهب فجيء بالراهب فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه.
ثم جيء بجليس الملك فقيل له ارجع عن دينك، فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه. به ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه فذهبوا فصعدوا به الجبل فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فرجف بهم الجبل فسقطوا وجاء يمشي إلى الملك . فقال له الملك : ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله . فدفعه إلى نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر، فإن رجع عن دينه، وإلا فاقذفوه فذهبوا به بها فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت. فانكفأت بهم السفينة ففرقوا وجاء يمشي إلى الملك. فقال له الملك : ما فعل أصحابك؟ قال: كفانيهم الله . فقال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به . قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع. ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس، ثم قل باسم الله رب الغلام، ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني. فجمع الناس في صعيد واحد وصلبه على جذع، ثم أخذ سهما من كنانته، ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال: باسم الله رب الغلام. ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات. فقال الناس آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام. فأتي الملك فقيل له أرأيت ما كنت تحذر، قد والله نزل بك حذرك. قد آمن الناس فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخدت ، وأضرم النيران وقال : من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها أو قيل له اقتحم ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام يا أماه اصبري فإنك على الحق.. رواه مسلم