٤،١١،٧٣ - الطفيل بن عمرو الدوسي
كان الطفيل بن عمرو الدوسي رجلا شريفا شاعرا لبيبا ، حدث أنه قدم مكة ورسول الله ﷺ بها، فمشى إليه رجال من قريش، فقالوا له يا طفيل إنك قدمت بلادنا، وهذا الرجل الذي بين أظهرنا قد أعضل بنا ، وقد فرق جماعتنا، وشنت أمرنا ، وإنما قوله كالسحر يفرق بين الرجل وبين أبيه، وبين الرجل وبين أخيه، وبين الرجل وبين زوجته، وإنا نخشى عليك وعلى قومك ما قد دخل علينا ، فلا تكلمنة ولا تسمعن منه شيئا . قال فوالله ما زالوا بي حتى أجمعت ألا أسمع منه شيئا ولا أكلمه حتى حشوت في أذني قطنا حين غدوت إلى المسجد خوفا من أن يبلغني شيء من قوله وأنا لا أريد أن أسمعه . قال فغدوت إلى المسجد ، فإذا رسول الله - قائم يصلي عند الكعبة. فقمت منه قريبا فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله. قال فسمعت كلاما حسنا قال فقلت في نفسي : والله إني لرجل لبيب شاعر ما يخفى علي الحسن من القبيح فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول فإن كان الذي يأتي به حسنا قبلته وإن كان قبيعا تركته . قال فمكثت حتى انصرف رسول الله - إلى بيته، فاتبعته حتى إذا دخل بيته دخلت عليه فقلت : يا محمد إن قومك قد قالوا لي كذا وكذا، للذي قالوا، فوالله ما برحوا يخوفونني أمرك حتى سددت أذني بقطن لثلا أسمع قولك، ثم أبى الله إلا أن يسمعني قولك، فسمعته قولا حسنا، فاعرض علي أمرك. قال فعرض علي رسول الله - - الإسلام، وتلا علي القرآن فلا والله ما سمعت قولا قط أحسن منه، ولا أمرا أعدل منه . فأسلمت وشهدت شهادة الحق وقلت: يا نبي الله إني امرؤ مطاع في قومي، وأنا راجع إليهم وداعيهم إلى الإسلام، فادع الله أن يجعل في آية تكون لي عونا عليهم فيما أدعوهم إليه . فقال: «اللهم اجعل له آية». فخرجت إلى قومي، حتى إذا كنت بثية تطلعني على الحاضر وقع نور بين عيني مثل المصباح فقلت : اللهم في غير وجهي إني أخشى أن يظنوا أنها مثلة وقعت في وجهي لفراقي دينهم. فتحول النور فوقع في رأس سوطي. فجعل الحاضر يتراءون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق وأنا أهبط إليهم من النبية، قال حتى جئتهم فأصبحت فيهم. قال فلما نزلت أتاني أبي، وكان شيخا كبيرا ، فقلت : إليك عني يا أبت فلست منك ولست مني. قال ولم يا بني؟ قال قلت : أسلمت وتابعت دين محمد - قال أي بني قديني دينك؟ فذهب فاغتسل وطهر ثيابه. ثم جاء فعرضت عليه الإسلام فأسلم، ثم أتتني زوجتي، فقلت: إليك عني، فلست منك ولست مني، قالت لم؟ بأبي أنت وأمي، قلت: فرق بيني وبينك الإسلام وتابعت دين محمد - - -؟ قالت: فديني دينك قلت : فاذهبي فتطهري، فذهبت، فاغتسلت، ثم جاءت، فعرضت عليها الإسلام، فأسلمت. ثم دعا قومه فأسلموا